486

عندما يسمع أفراد العائلة بقدوم طفل، وأنها ستزيد فرداً صغيراً لطيفاً تختلط مشاعر الحب والفرح والحماس، قد يكون هذا أسعد خبر في حياة الوالدين لكن ما لا تعلمينه يا عزيزتي أنه رغم ذلك تجد معظم الأمهات الجدد أنفسهن في حالة اكتئاب شديد، تشمل عادة تقلبات المزاج ونوبات البكاء والقلق وصعوبة النوم.

تشعر العديد من الأمهات بالخجل أو الذنب بشأن ما يشعرن به والذي يعرف ب “اكتئاب ما بعد الولادة“، فقد تظنين أنه من المسموح لكِ أن تمتلكي المشاعر الغامرة المليئة بالسعادة والامتنان فقط وأن شعورك بالحزن يعني أنك أم سيئة، لكن هذا ليس صحيح! ما تعانين منه هو مشكلة معترف بها طبياً، وتبدأ الأعراض عادةً في غضون أول يومين إلى ثلاثة أيام بعد الولادة وقد تستمر لمدة تصل إلى أسبوعين. 

الكثير من الأمهات الجدد يملكن مشاعر الذنب والعار والفراغ والقلق ونوبات الهلع. تلك المشاعر السلبية الناتجة عن الشعور المفاجئ بالإرهاق والتغييرات في نمط الحياة التي حدثت بعد قدوم الطفل، والإرهاق من المسؤوليات الجديدة، أضيفي إلى ذلك عدم الرضا عن شكل الجسم بعد الحمل.

يبقى السؤال هنا، طالما أن الأمر شائع وتعاني منه العديد من الأمهات، فلماذا لا يتم مناقشته على نطاق أوسع؟ 

أكثر ما تحتاجينه كأم في مثل هذه المواقف هو الدعم

للأسف، تعاني العديد من النساء من الشعور بالذنب فيخترن المعاناة بصمت لكنها ليست الحل، عليكِ الحصول على العلاج اللازم، والدعم من العائلة والأصدقاء، وفي بعض الحالات، الأدوية للتعامل مع تلك المشكلة.

وبدايةً، ما هي الأعراض المرافقة لاكتئاب ما بعد الولادة؟

إن الأعراض تختلف من امرأة لأخرى ويمكن أن تتراوح من خفيفة إلى شديدة حسب الحالة فمثلاً: الكآبة المؤقتة “البيبي بلو”:  تشمل أعراض الكآبة المؤقتة التي تستمر من بضعة أيام إلى أسبوع أو أسبوعين بعد ولادة طفلكِ ما يلي:

  1. قلق
  2. حزن
  3. شعور بالإرهاق
  4. بكاء
  5. التشتت وانخفاض التركيز
  6. مشاكل في الشهية 
  7. مشاكل في النوم

أما

اكتئاب ما بعد الولادة:

قد يتم الخلط بينه وبين الكآبة المؤقتة لكن الأعراض هنا تكون أكثر حدة وتستمر لفترة أطول. 

وقد تتداخل هذه الأعراض مع قدرتك على رعاية طفلك وإنجاز مهامك اليومية الأخرى. وتظهر عادة في غضون الأسابيع القليلة الأولى بعد الولادة. لكنها أيضاً قد تبدأ في وقت مبكر – أثناء الحمل – أو بعد ذلك – حتى عام بعد الولادة.

وتشمل أعراضه ما يلي:

  1. تقلبات مزاجية حادة.
  2. ابتعادك عن العائلة والأصدقاء.
  3. فقدان الشهية أو الأكل أكثر من المعتاد.
  4. الأرق وعدم قدرتكِ على النوم، أو النوم لفترات طويلة.
  5. التعب الشديد وفقدان الطاقة.
  6. فقدانك للرغبة بممارسة الأنشطة التي اعتدت الاستمتاع بها.
  7. الغضب.
  8. شعوركِ بالخزي والنقص.
  9. انخفاض قدرتكِ على التفكير بوضوح واتخاذ القرارات وفقدان التركيز.
  10. و قد تصل الأعراض إلى أبعد من ذلك كالأفكار المتكررة عن الموت والانتحار أو حتى أفكار تدفعك لإيذاء نفسك أو إيذاء طفلك.

ذهان ما بعد الولادة:

في حالة ذهان ما بعد الولادة (وهي حالة نادرة تحدث عادةً في الأسبوع الأول بعد الولادة)

تكون الأعراض شديدة. وتشمل:

  1. الشعور بالارتباك والضياع.
  2. الهوس بطفلك.
  3. الهلوسة والأوهام.
  4. مشاكل في النوم.
  5. الشعور بالضيق.
  6. القيام بمحاولات لإيذاء نفسك أو طفلك.

 قد يؤدي ذهان ما بعد الولادة إلى أفكار أو سلوكيات تهدد حياتك وحياة من حولك لذلك يتطلب علاج فوري.

والسؤال المهم هنا هو ما هي أسباب حدوث كل هذه التقلبات النفسية بعد الولادة أو حتى أثناء فترة الحمل؟

لا يوجد سبب واحد محدد لاكتئاب ما بعد الولادة، ولكن قد تلعب العوامل الوراثية والتغيرات الجسدية والمشكلات العاطفية والبيئة من حولك دور في حدوثه أو تفاقم أعراضه.

postpartum-psychosis اكتئاب ما بعد الولادة

هناك عوامل معينة تزيد من خطر إصابتك باكتئاب ما بعد الولادة ومنها:

  1. وجود تاريخ شخصي أو عائلي للإصابة بالاكتئاب أو الاضطراب السابق للحيض (PMDD).
  2. حصولك على دعم معنوي غير ما كافِ.
  3. المشاكل الزوجية.
  4. مضاعفات الحمل مثل المشاكل الصحية أو صعوبة الولادة أو الولادة المبكرة.
  5. إذا حدث حملك بعمر مبكر أي كان عمرك أقل من 20 عام.
  6. إنجاب طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.
  7. يساهم الانخفاض الكبير في هرمونات الأستروجين والبروجسترون في جسمك في الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة. وقد تنخفض أيضاً الهرمونات الأخرى التي تنتجها الغدة الدرقية بشكل حاد – مما قد يجعلك تشعرين بالتعب والكسل والاكتئاب.

حيث تزداد مستويات هرمون الاستروجين والبروجسترون عشرة أضعاف أثناء الحمل ولكنها تنخفض بشكل حاد بعد الولادة.

بالإضافة إلى هذه التغيرات الكيميائية، فإن التغيرات الاجتماعية والنفسية تزيد من خطر إصابتك باكتئاب ما بعد الولادة. تتضمن أمثلة هذه التغييرات اختلاف شكل جسمك، أو عدم قدرتك على الحصول على ما يكفي من النوم، أو القلق بشأن الأمومة أو تغييرات في علاقاتك مع من حولك. 

و لتحمي نفسك قدر المستطاع سنخبرك عن كيفية تجنب اكتئاب ما بعد الولادة : 

عملياً لا يمكن الوقاية من اكتئاب ما بعد الولادة بشكل تام. لكن قد تساعدك معرفة الأعراض والعوامل التي تزيد من خطر إصابتك.

وإليك بعض النصائح لتساعدي نفسك :

  • كوني واقعية بشأن توقعاتك لنفسك ولطفلك وللحياة الجديدة.
  • قللي من عدد الزوار فور عودتك للمنزل من المشفى.
  • اطلبي المساعدة – أخبري الآخرين عن كيفية مساعدتك وما تحتاجين إليه.
  • احصلي على النوم والراحة الكافيين عندما ينام طفلك.
  • تمرني واخرجي من المنزل لتحصلي على فترة راحة.
  • ابقي على اتصال مع عائلتك وأصدقائك ومن تحبينهم لا تعزلي نفسك.
  • عززي علاقتك مع شريكك وتواصلي معه أكثر.

لا بأس أن تشعري ببعض الإرهاق فالأمومة مليئة بالتقلبات والإنجاب ليس بالأمر السهل. إذا كنت تعانين من الاكتئاب، فلا داعي لأن تعاني وحدك ويمكن لمقدم الرعاية الصحية الخاص بك المساعدة في العثور على العلاج المناسب لكِ.

إذا كنتِ قد بدأت تشعرين بأي مما ذكرناه من أعراض فهذه الإرشادات خصيصاً لكِ :

  • ابحثي عن شخص ما للتحدث معه معالج أو صديق أو فرد من العائلة أو شخص سيستمع إليكِ، يتفهمك ويساعدك.
  • حاولي أن تأكلي طعام صحي وخصصي وقت لممارسة الرياضة.
  • لا تنسي إعطاء الأولوية لراحتكِ وصحتك.
  • ابقي على تواصل مع أحبائك، اخرجي مع أصدقائك أو تحدثي معهم عبر الهاتف.
  • ابحثي عن وقت للقيام بالأشياء التي تستمتعين بها، مثل القراءة أو أية هوايات أخرى.
  • تحدثي لنفسك ولطفلك بطريقة إيجابية.

هذا في حال كنتِ قادرة على تخطي المشاعر السلبية وتجاوزها لكن

متى عليكِ زيارة الطبيب؟

إذا شعرت بالاكتئاب بعد ولادة طفلك، فقد تصبحي مترددة أو محرجة من الاعتراف بذلك. ولكن إذا كنتِ تعانين من أي أعراض أخبري طبيب التوليد أو أخصائي أمراض النساء وحددي موعد ليقدم لكِ العلاج. إذا كانت لديك أعراض تشير إلى احتمالية إصابتك بذهان ما بعد الولادة، فاطلبي المساعدة فوراً وبأسرع وقت ممكن.

وأيضاً إذا كانت أعراضكِ:

  • لا تتلاشى بعد أسبوعين.
  • تزداد سوءاً.
  • تجعل رعاية طفلك صعبة.
  • تمنعك من إكمال مهامك اليومية.
  • إذا راودتك أفكار بإيذاء نفسك أو طفلك.

اكتئاب ما بعد الولادة هو اضطراب مزاجي شائع يصيب واحدة من كل 7 أمهات بعد الولادة. هذا ليس خطأك، وليس ذنباً أو جريمة وحكماً لا يجعل منك أم أو شخص سيء، العوامل المسببة لاكتئاب ما بعد الولادة خارجة عن إرادتك. تحدثي إلى الطبيب الخاص بك فهو يعرف أفضل طريقة لمواجهة أعراضكِ وعلاجها.

المصادر:

Postpartum Depression

 Symptoms Of Postpartum

قد يهمك الاطلاع على الانفصال العضلي واختبار Sara PopFit